فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا سَكَتَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ فَقِيلَ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ النُّزَّاعُ مِنْ الْقَبَائِلِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا يُوسُفُ بْنُ مَنَازِلَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي حَفْصٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ وَمَنْ الْغُرَبَاءُ‏؟‏ قَالَ نَوَازِعُ النَّاسِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ هَذِهِ الأَحَادِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ كَتَبَ إلَيَّ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي أَبُو عَيَّاشَ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ الإِسْلاَمَ بَدَأَ غَرِيبًا وَإِنَّهُ سَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قَالُوا وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ حِينَ يُفْسِدُ النَّاسُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَإِنَّ الدِّينَ سَيَعُودُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآثَارَ فَوَجَدْنَا الإِسْلاَمَ دَخَلَ عَلَى أَشْيَاءَ لَيْسَتْ مِنْ أَشْكَالِهِ فَكَانَ بِذَلِكَ مَعَهَا غَرِيبًا لاَ يُعْرَفُ كَمَا يُقَالُ لِمَنْ نَزَلَ عَلَى قَوْمٍ لاَ يَعْرِفُونَهُ إنَّهُ غَرِيبٌ بَيْنَهُمْ ثُمَّ أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَعُودُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ مَنْ نَزَعَ عَمَّا عَلَيْهِ الْخَلَّةَ الْمَذْمُومَةَ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْخَلَّةَ الْمَحْمُودَةَ غَرِيبًا بَيْنَهُمْ‏.‏

وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَمَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيُّ حَدَّثَنَا الثَّوْرِيُّ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَيْسَ فِيهِمْ مُؤْمِنٌ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّيْءِ الَّذِي يُذْهِبُ الْمَذَمَّةَ فِي الرَّضَاعِ عَنْ الْمُرْضِعِ لِمَنْ أَرْضَعَهُ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُمَحِيُّ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ حَجَّاجِ بْنِ حَجَّاجٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ‏؟‏ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغُرَّةُ الْعَبْدُ أَوْ الأَمَةُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى، يَعْنِي، الْقَطَّانَ عَنْ هِشَامٍ يَعْنِي ابْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ أَبِيهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ مَا يُذْهِبُ عَنِّي مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ‏؟‏ قَالَ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد الْهَاشِمِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَهِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ الْحَجَّاجِ بْنِ مَالِكٍ الأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمُرَادِ بِمَا هُوَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا هُوَ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُرْضِعَةَ يَجِبُ مِنْ حَقِّهَا عَلَى مَنْ أَرْضَعَتْهُ مَا لاَ خَفَاءَ بِهِ وَأَنَّهَا تَصِيرُ بِذَلِكَ لَهُ أُمًّا فِي وُجُوبِ حَقِّهَا عَلَيْهِ‏,‏ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ حَقُّهُ دُونَ حَقِّ الآُمِّ‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لاَ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلاَّ أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ فَكَانَ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ الْوَلَدِ بِوَالِدِهِ جَزَاءٌ لَهُ عَمَّا كَانَ مِنْهُ فِيهِ بِحَقِّ أُبُوَّتِهِ وَكَانَ حَقُّ الْمُرْضِعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا قَدْ وَجَبَ عَلَى الْمُرْضَعِ بِرَضَاعِهَا إيَّاهُ حَتَّى صَارَتْ لَهُ بِذَلِكَ أُمًّا وَحَتَّى صَارَ مَا كَانَ مِنْهَا إلَيْهِ سَبَبًا لِحَيَاتِهِ وَحُقُوقُ الْوَالِدَاتِ عَلَى أَوْلاَدِهِنَّ فَوْقَ حُقُوقِ آبَائِهِمْ عَلَيْهِمْ وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَلَمْ يَقْدِرْ الْمُرْضَعُ عَلَى فِكَاكِ مَنْ أَرْضَعَهُ مِنْ الرِّقِّ إذَا كَانَ غَيْرَ رَقِيقٍ أَمَرَ أَنْ يُعَوِّضَهَا مِنْ ذَلِكَ مَا يَقْدِرُ أَنْ تَفْعَلَ فِيهِ الْعَتَاقَ الَّذِي يَكُونُ بِهِ فِدَاءٌ لَهَا مِنْ النَّارِ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ أَعْتَقَ نَسَمَةً مُؤْمِنَةً مِمَّا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ فِيمَا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَمْ تُجْعَلْ تِلْكَ النَّسَمَةُ كَغَيْرِهَا مِنْ النَّسَمِ وَجُعِلَتْ مِنْ غُرَرِهَا وَغُرَرُهَا أَرْفَعُهَا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الأَنْصَارِيُّ الدُّولاَبِيُّ أَبُو بِشْرٍ ثنا أَبُو يَعْلَى السَّاجِيُّ ثنا الأَصْمَعِيُّ قَالَ قَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلاَءِ لاَ يُقْبَلُ فِي الدِّيَةِ عَبْدٌ أَسْوَدُ وَلاَ أَمَةٌ سَوْدَاءُ وَهُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ فَلَوْلاَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ بِذَلِكَ الْبَيْضَاءَ لَقَالَ فِي الْجَنِينِ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ قَالَ كُلُّ هَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي بِشْرٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَذَلِكَ مَا قَالَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يُذْهِبُ مَذَمَّةَ الرَّضَاعِ لَوْلاَ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّفِيعَ مِنْ الْمَمَالِيكِ لَقَالَ فِيهِ‏:‏ إنَّهُ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ إنَّهُ غُرَّةٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمُرْضَعَ إنْ قَدَرَ عَلَى عَتَاقِ مَنْ أَرْضَعَهُ مِنْ الرِّقِّ لأَنَّهُ كَذَلِكَ فَأَعْتَقَهُ كَانَ بِذَلِكَ جَازِيًا لَهُ كَمَا كَانَ الْوَلَدُ بِمِثْلِهِ جَازِيًا لأَبِيهِ‏.‏

وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمُوَفِّقُ وَنَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ فِي انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَصْدِيقًا لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ‏}‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ الْكُوفِيُّ ثنا لُوَيْنُ حَدَّثَنَا حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ سَلَمَةُ بْنُ صُهَيْبٍ الأَرْحَبِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ ثنا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ‏.‏

وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي عُمَرَ ثنا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام اشْهَدُوا‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ الْوَاسِطِيُّ الْجَوَارِبِيُّ أَبُو عَبْدِ اللهِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِلْقَتَيْنِ فَسَتَرَ الْجَبَلُ فِلْقَةً وَكَانَتْ فِلْقَةٌ فَوْقَ الْجَبَلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ اشْهَدْ‏.‏

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُخَوَّلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ الْكُوفِيُّ ثنا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ وَثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثنا الْفِرْيَابِيُّ ثنا إسْرَائِيلُ ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي حَدِيثِهِ ثنا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فَأَبْصَرْتُ الْجَبَلَ بَيْنَ فُرْجَتَيْ الْقَمَرِ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ ثنا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فَانْفَلَقَتْ فِرْقَةٌ مِنْهُ خَلْفَ الْجَبَلِ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ اشْهَدُوا‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنًى فَانْشَقَّ الْقَمَرُ فَذَهَبَتْ فِلْقَةٌ مِنْهُ خَلْفَ الْجَبَلِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اشْهَدُوا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ وَفَهْدٌ قَالاَ ثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر عَنْ بَكْرِ بْنِ مُضَرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عِرَاكَ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ انْشَقَّ الْقَمَرُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثنا بَكْرٌ وَابْنُ لَهِيعَةَ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا هُدْبَةُ بْنُ خَالِدٍ ثنا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ انْطَلَقْتُ مَعَ أَبِي إلَى الْجُمُعَةِ بِالْمَدَايِنِ وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهَا فَرْسَخٌ وَحُذَيْفَةُ عَلَى الْمَدَائِنِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ أَلاَ وَإِنَّ السَّاعَةَ قَدْ اقْتَرَبَتْ أَلاَ وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدْ انْشَقَّ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ ثنا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللهِ النَّخَعِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد ثنا مُسَدَّدٌ ثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ قَالَ قَدْ انْشَقَّ‏.‏

فَكَانَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ تَحْقِيقُهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ فِي ذَلِكَ كَمَعْنَاهُمْ فِيهِ وَلاَ نَعْلَمْ رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ غَيْرُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُمْ فِيهِ وَهُمْ الْقُدْوَةُ وَالْحُجَّةُ الَّذِينَ لاَ يَخْرُجُ عَنْهُمْ إِلاَّ جَاهِلٌ وَلاَ يَرْغَبُ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ خَاسِرٌ‏.‏

وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ يَدَّعِي التَّأْوِيلَ وَيَسْتَعْمِلُ رَأْيَهُ فِيهِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ وَيَتْرُكُ ذِكْرَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مَنْ قَبْلَهُ فِيهِ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ تَابِعِيهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَنْشَقَّ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَنْشَقُّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ اللهِ تَعَالَى وَانْشَقَّ الْقَمَرُ إنَّمَا هُوَ عَلَى صِلَةٍ قَدْ ذُكِرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي السُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ ذَلِكَ فِيهَا‏,‏ وَهِيَ قوله تعالى ‏{‏يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلَى شَيْءٍ نُكُرٍ‏}‏ أَيْ فَيَنْشَقُّ الْقَمَرُ حِينَئِذٍ وَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ وَذَكَرَ بِجَهْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَرْوِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ إِلاَّ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّا قَدْ مَضَى كَمَا رُوِيَ عَنْهُ لَتَسَاوَى فِيهِ النَّاسُ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى إضَافَتِهِ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ مَنْ سِوَاهُ فَكَفَى بِذَلِكَ جَهْلاً إذْ كَانَ مَا أَضَافَهُ إلَى انْفِرَادِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهِ قَدْ شَرِكَهُ فِيهِ خَمْسَةٌ سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرْنَاهُمْ فِي الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَانْشَقَّ الْقَمَرُ‏}‏ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى مَا ذَكَرَ أَنَّهُ صِلَةٌ لَهُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ مِنْ السُّورَةِ الْمَذْكُورِ ذَلِكَ فِيهَا فَإِنَّ فِي قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ‏}‏ دَلِيلاً عَلَى خِلاَفِ مَا قَالَهُ فِيهَا وَدَلِيلاً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَعْنِ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏;‏ لأَنَّ الآيَاتِ إنَّمَا تَكُونُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا‏}‏ وَفِي قوله تعالى ‏{‏فَتَوَلَّ عَنْهُمْ‏}‏ أَيْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى ‏{‏فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ‏}‏‏.‏

وَكَمَا قَالَ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ دَلِيلٌ عَلَى تَمَامِ مَا ذَكَرَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَاسْتِقْبَالِ غَيْرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلَى شَيْءٍ نُكُرٍ مَا هُوَ ظَرْفٌ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مِنْ خُرُوجِهِمْ مِنْ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ‏.‏

وَانْتَفَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ صِلَةً لِ مَا قَدْ انْقَطَعَ مِنْ الْكَلاَمِ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا الشَّاذُّ وَقَدْ يُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ يَعْنِي الَّذِي حَكَاهُ هَذَا الشَّاذُّ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ يُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ كَأَنِّي أَنْظُرُ إلَيْهِ فِلْقَتَيْنِ وَحِرَاءُ بَيْنَهُمَا أَيْ كَأَنِّي أَرَاهُ إذَا انْشَقَّ كَذَلِكَ فَكَانَ كَلاَمُهُ هَذَا فَاسِدًا لأَنَّهُ قَدْ نَفَى انْشِقَاقَهُ فِي زَمَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَكَرَ أَنَّ انْشِقَاقَهُ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ فَقَدْ يَجُوزُ أَلَّا يَرَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ حِينَئِذٍ قَالَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ حَيْثُ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَرَاهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَكَانِ‏.‏

وَقَدْ زَعَمَ هَذَا الشَّاذُّ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْقِيَامَةِ لاَ فِي الدُّنْيَا وَحِرَاءُ يَوْمَئِذٍ جَبَلٌ مِنْ الْجِبَالِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَمَّا يَكُونُ مِنْهُ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا فَيَذَرُهَا الآيَةَ وَقَالَ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَقَالَ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ فَكَيْفَ يَكُونُ حِرَاءُ يَوْمَئِذٍ بَيْنَ فِلْقَتَيْ الْقَمَرِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خِلاَفِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالْخُرُوجِ عَنْ مَذَاهِبِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ كَالاِسْتِكْبَارِ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَمَنْ اسْتَكْبَرَ عَنْ كِتَابِ اللهِ وَعَنْ مَذَاهِبِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَتَابِعِيهِمْ فِيهِ كَانَ حَرِيًّا أَنْ يَمْنَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَهْمَهُ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي إسْرَائِيلَ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ قَالَ أَمْنَعُهُمْ فَهْمَ كِتَابِي‏.‏

وَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ مَعْنَى قَوْلِ قُرَيْشٍ عِنْدَ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ هَذَا سِحْرٌ سَحَرَكُمْ بِهِ ابْنُ أَبِي كَبْشَةَ يُرِيدُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ مُرَادُهُمْ بِذَلِكَ وَمَنْ أَبُو كَبْشَةَ الَّذِي نَسَبُوهُ إلَيْهِ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَحْسَنَ مَا وَجَدْنَاهُ مِمَّا قِيلَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَخَلَ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا هَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ عَنْ الْمُفَضَّلِ بْنِ غَسَّانِ الْغَلَّابِيِّ قَالَ وَهْبٌ جَدُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو أُمِّهِ قَيْلَةَ ابْنَةَ أَبِي قَيْلَةَ وَاسْمُ أَبِي قَيْلَةَ وَجْزُ بْنُ غَالِبٍ وَهُوَ مِنْ خُزَاعَةَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَبَدَ الشِّعْرَى الْعَبُورَ وَكَانَ يَقُولُ‏:‏ إنَّ الشِّعْرَى تَقْطَعُ السَّمَاءَ عَرْضًا وَلاَ أَرَى فِي السَّمَاءِ شَمْسًا وَلاَ قَمَرًا وَلاَ نَجْمًا يَقْطَعُ السَّمَاءَ عَرْضًا غَيْرَهَا وَوَجْزٌ هَذَا هُوَ أَبُو كَبْشَةَ الَّتِي كَانَتْ قُرَيْشٌ تَنْسُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَظُنُّ أَنَّ أَحَدًا لاَ يَعْلَمُ شَيْئًا إِلاَّ بِعِرْقٍ يَنْزِعُهُ شَبَهُهُ فَلَمَّا خَالَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِينَ قُرَيْشٍ قَالَتْ قُرَيْشٌ نَزَعَهُ أَبُو كَبْشَةَ لأَنَّ أَبَا كَبْشَةَ خَالَفَ النَّاسَ فِي عِبَادَةِ الشِّعْرَى فَكَانُوا يَنْسِبُونَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَيْهِ‏,‏ ذَلِكَ وَكَانَ أَبُو كَبْشَةَ سَيِّدًا فِي خُزَاعَةَ لَمْ يُعَيِّرُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِهِ مِنْ تَقْصِيرٍ كَانَ فِيهِ وَلَكِنْ أَرَادُوا أَنْ يُشَبِّهُوهُ بِهِ فِي الْخِلاَفِ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ عَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ نَهَى عَنْ عَسْبِ التَّيْسِ وَكَسْبِ الْحَجَّامِ وَقَفِيزِ الطَّحَّانِ حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ الْفَضْلِ الْمَازِنِيُّ الْبَصْرِيُّ ثنا هِلاَلُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مُسْلِمٍ ثنا أَبُو يُوسُفَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنَ أَبِي نُعْمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عِيسَى بْنِ مَاسَرْجِسَ مَوْلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ قَالاَ ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ عَنْ هِشَامِ أَبِي كُلَيْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ مَعْنَاهُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْجَهْلِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا مِنْ دَفْعِ الْقَمْحِ إلَى الطَّحَّانِ عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ لَهُمْ بِقَفِيزٍ مِنْ دَقِيقِهِ الَّذِي يَطْحَنُهُ مِنْهُ فَكَانَ ذَلِكَ اسْتِئْجَارًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ إذَا كَانَ دَقِيقُ قَمْحِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي اسْتَأْجَرَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الاِسْتِئْجَارَ لاَ يَكُونُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ يَوْمَ يَسْتَأْجِرُ كَمَا لاَ يَكُونُ الاِبْتِيَاعُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ يَبِيعُ وَبِمَا لَيْسَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ يَبْتَاعُ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ عِنْدَهُ مِمَّا لَيْسَ مَعْنَاهَا مَعْنَى الأَثْمَانِ كَالدَّرَاهِمِ وَكَالدَّنَانِيرِ وَكَمَا سِوَاهَا مِنْ ذَوَاتِ الأَمْثَالِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَمِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ فِي صَلاَتِهِ هَلْ هُوَ ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى أَوْ سُكُوتٌ بِلاَ ذِكْرٍ

حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ بْنِ سَالِمٍ الصَّائِغُ ثنا يَحْيَى بْنُ أَبِي بُكَيْر قَاضِي كَرْمَانَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ أَنْبَأَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا حَمْزَةَ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ، يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ تَطَوُّعًا فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ذُو الْمَلَكُوتِ وَالْجَبَرُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ ثُمَّ قَرَأَ الْبَقَرَةَ ثُمَّ رَكَعَ فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ وَكَانَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَامَ قَدْرَ مَا رَكَعَ فَكَانَ يَقُولُ لِرَبِّي الْحَمْدُ لِرَبِّي الْحَمْدُ ثُمَّ سَجَدَ فَكَانَ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ يَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الأَعْلَى وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ نَحْوٌ مِنْ سُجُودِهِ يَقُولُ رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَرَأَ فِيهِنَّ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءَ وَالْمَائِدَةَ وَالأَنْعَامَ‏.‏

وَبِهِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ بْنِ الأَحْنَفِ عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ عَنْ حُذَيْفَةَ مِثْلَهُ‏.‏

وَقَالَ مَا مَرَّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلاَّ وَقَفَ وَسَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا مَرَّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلاَّ وَقَفَ وَتَعَوَّذَ‏.‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ثنا شُعْبَةُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ فِيمَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْ رَكَعَاتِ صَلاَتِهِ تِلْكَ رَبِّ اغْفِرْ لِي رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلاَ نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلاَتِهِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِيهَا‏.‏

حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ بِذَلِكَ وَلاَ نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِوَاهُ وَلاَ مِنْ تَابِعِيهِمْ وَلاَ مِمَّنْ بَعْدَ تَابِعِيهِمْ إلَى يَوْمِنَا هَذَا ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ غَيْرَ بَعْضِ مَنْ كَانَ يَنْتَحِلُ الْحَدِيثَ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ وَقَالَ بِهِ وَهَذَا عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِهِ حَسَنٌ وَاسْتِعْمَالُهُ إحْيَاءٌ لِسُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَيْهِ نَذْهَبُ وَإِيَّاهُ نَسْتَعْمِلُ‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَا الْقِيَاسَ يَشُدُّهُ وَذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الصَّلاَةَ مَبْنِيَّةً عَلَى أَقْسَامٍ مِنْهَا التَّكْبِيرُ الَّذِي يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا وَمِنْهَا الْقِيَامُ الَّذِي يَتْلُوهُ مِنْهَا وَفِيهِ ذِكْرٌ وَهُوَ الاِسْتِفْتَاحُ وَمَا يُقْرَأُ بَعْدَهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِيهِ ثُمَّ يَتْلُو ذَلِكَ الرُّكُوعُ وَفِيهِ ذِكْرٌ وَهُوَ التَّسْبِيحُ ثُمَّ يَتْلُوهُ رَفْعٌ مِنْ الرُّكُوعِ وَفِي ذَلِكَ الرَّفْعِ ذِكْرٌ وَهُوَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقُولُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ الأَئِمَّةِ مِنْ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَلاَ يَقُولُهُ بَقِيَّتُهُمْ ثُمَّ يَتْلُوهُ سُجُودٌ فِيهِ ذِكْرٌ وَهُوَ التَّسْبِيحُ ثُمَّ يَتْلُوهُ قَعْدَةٌ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ الَّتِي فِيهَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا كَانَ يَقُولُهُ فِيهَا مِنْ سُؤَالِهِ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغُفْرَانَ لَهُ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يَتْلُوهُ جُلُوسٌ فِيهِ ذِكْرٌ وَهُوَ التَّشَهُّدُ وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مِنْ الصَّلاَةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ الدُّعَاءِ الَّذِي يُدْعَى بِهِ هُنَاكَ فَكَانَتْ أَقْسَامُ الصَّلاَةِ كُلُّهَا مُسْتَعْمَلاً فِيهَا ذِكْرُ اللهِ تَعَالَى غَيْرَ خَالِيَةٍ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ الْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى مَا وَصَفْنَا أَنْ يَكُونَ حُكْمُ ذَلِكَ الْقِسْمِ أَيْضًا مِنْ الصَّلاَةِ كَحُكْمِ غَيْرِهِ مِنْ أَقْسَامِهَا وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ ذِكْرٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَقْسَامِهَا‏,‏ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ سُبْحَانَهُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَوَابِ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً وَفِي مَنْ قَصَدَ إلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ الرِّقَابِ مِنْ الذُّكْرَانِ وَمِنْ الإِنَاثِ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَفَهْدٌ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ قَالُوا‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيُّ حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ‏:‏ قَالَ أَبِي عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَوْ مُؤْمِنَةً وَقَى اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُرَّةَ عَنْ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ حَدَّثَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ حَدَّثَنِي سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ السِّمْطِ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ حَدِّثْنَا حَدِيثًا لَيْسَ فِيهِ تَزَيُّدٌ وَلاَ نِسْيَانٌ فَقَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ عُضْوًا بِعُضْوٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ شُعْبَةَ الْكُوفِيِّ قَالَ كُنْت مَعَ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ فَدَعَا بَنِيهِ فَقَالَ يَا بَنِيَّ إنِّي سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ وَأَبُو أُمَيَّةَ قَالاَ حَدَّثَنَا مَكِّيُّ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى إنَّهُ لَيُعْتِقُ بِالْيَدِ الْيَدَ وَبِالرِّجْلِ الرِّجْلَ وَبِالْفَرْجِ الْفَرْجَ وَقَالَ أَبُو أُمَيَّةَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ زَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجَانَةَ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيُّمَا امْرِئٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا اسْتَنْقَذَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ مَرْجَانَةَ يُحَدِّثُ أَبِي يَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ وَفَهْدٌ قَالاَ حَدَّثَنَا ابْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ ثُمَّ ذَكَرَا بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُد حَدَّثَنَا أَبُو الأَسْوَدِ النَّضْرُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ الْهَادِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ حَدَّثَهُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ صَالِحِ بْنِ عُبَيْدٍ حَدَّثَهُ عَنْ نَابِلٍ صَاحِبِ الْعَبَاءِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً سَتَرَهُ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ فَكَانَ مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ هَذِهِ الآثَارِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَتَاقِ رَقَبَةٍ مَوْصُوفَةٍ فِي بَعْضِهَا بِالإِيمَانِ أَوْ بِالإِسْلاَمِ وَفِي بَعْضِهَا مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً بِغَيْرِ ذِكْرٍ لَهَا بِإِيمَانٍ وَلاَ بِإِسْلاَمٍ فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ تَفْرِيقٌ بَيْنَ ذُكْرَانِ الرِّقَابِ وَبَيْنَ إنَاثِهَا وَهَلْ رُوِيَ عَنْهُ تَفْرِيقٌ بَيْنَ الْمُعْتِقِينَ مِنْ الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ‏.‏

فَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ السِّمْطِ قَالَ قُلْنَا لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ يَا كَعْبَ بْنَ مُرَّةَ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَاحْذَرْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ‏,‏ يُجْزَى كُلُّ عَظْمٍ مَكَانَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْهُ وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزَى مَكَانَ كُلِّ عَظْمَاتٍ مِنْهُمَا عَظْمًا مِنْهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ شُرَحْبِيلَ قَالَ قُلْنَا لِكَعْبِ بْنِ مُرَّةَ أَوْ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلَّهِ أَبُوكَ وَاحْذَرْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلاً مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ وَأَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمَاتٍ مِنْهُمَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنْ النَّارِ يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِهَا‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَبِي نَجِيحٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَهُوَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَقُولُ أَيُّمَا رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ رَجُلاً مُسْلِمًا فَإِنَّ اللَّهَ يَجْعَلُ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ مِنْ النَّارِ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَاعِلٌ وِقَاءَ كُلِّ عَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا عَظْمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهَا مِنْ النَّارِ‏.‏

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ بَحْرِ بْنِ مَطَرٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ قَالَ سَمِعْت مَنْصُورًا يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ قَالَ حُدِّثْتُ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ الْبَهْزِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بْنُ مُهَلْهَلٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورِ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ أَنَّ شُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ قَالَ مَنْ رَجُلٌ يُحَدِّثُنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ أَنَا فَقَالَ إيهٍ لِلَّهِ أَبُوكَ وَاحْذَرْ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً فَهِيَ فِدَاؤُهُ مِنْ النَّارِ عَظْمًا مِنْ عِظَامِهِ بِعَظْمٍ مِنْ عِظَامِهَا وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ فَهُمَا فِدَاؤُهُ مِنْ النَّارِ عَظَمًا مِنْ عِظَامِ مُحَرَّرِهِ بِعَظْمٍ مِنْ عِظَامِهِ قَالَ أَيُّوبُ فَحَسِبْتُهُ يَعْنِي امْرَأَتَيْنِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ عليه السلام بِمَا ذَكَرَهُ فِي الآثَارِ الآُوَلِ أَرَادَ مِنْ الْمُعْتِقِينَ وَمِنْ الْمُعْتَقِينَ التَّكَافُؤَ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ إنْ كَانَ ذَكَرًا يَكُونُ الَّذِي يَفُكُّ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ النَّارِ ذَكَرًا مُسْلِمًا أَوْ أُنْثَيَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ‏,‏ وَأَنَّ الْمُعْتِقَ إنْ كَانَ أُنْثَى كَانَ الَّذِي تَفُكُّ بِهِ نَفْسَهَا مِنْ النَّارِ أُنْثَى مُسْلِمَةً‏,‏ وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَمْ يُجْعَلْ إِلاَّ فِي الرِّقَابِ الْمُؤْمِنَاتِ دُونَ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ الرِّقَابِ الْكَافِرَاتِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ أَمَرَ بِهِ الَّذِينَ ذَكَرُوا لَهُ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَنَّ صَاحِبًا لَهُمْ أَوْجَبَ فِي الْعَتَاقِ لِذَلِكَ

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ السَّدُوسِيُّ وَلَقَبُهُ عَارِمٌ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الْغَرِيفِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ قَالَ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالُوا‏:‏ إنَّ صَاحِبًا لَنَا أَوْجَبَ قَالَ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً يَفْدِي اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ ثنا الْمُعَلَّى بْنُ الْوَلِيدِ الْقَعْقَاعِيُّ ثنا هَانِئُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي عَمِّي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ الْعُقَيْلِيُّ قَالَ أَدْرَكْتُ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عليه السلام رَأَيْتُ مِنْهُمْ رَجُلَيْنِ كَلَّمْتُ أَحَدَهُمَا‏,‏ وَلَمْ أُكَلِّمْ الآخَرَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُبَيٍّ ابْنُ أُمِّ حَرَامٍ الأَنْصَارِيُّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَتَيْنِ وَرَأَيْتُ عَلَيْهِ كِسَاءَ خَزٍّ أَغْبَرَ وَرَأَيْتُ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ‏,‏ وَلَمْ أُكَلِّمْهُ فَقَامَ إلَيْهِ الْغَرِيفُ بْنُ الدَّيْلَمِيِّ حَتَّى جَلَسَ إلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ مِنْ عِنْدِهِ لَقِيتُهُ فَقُلْتُ مَا حَدَّثَكَ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ أَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ يَعْنِي النَّارَ فَقَالَ‏:‏ مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً يُكَفِّرْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا أَبُو مُسْهِرٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ حَدَّثَنِي الْغَرِيفُ بْنُ عَيَّاشِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ أَنَّ وَاثِلَةَ بْنَ الأَسْقَعِ حَدَّثَهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَجَاءَ نَاسٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالُوا‏:‏ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُعْتِقْ رَقَبَةً يَفُكَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ عَبْدَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَسَدٍ الْخُشَنِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَسَّانَ الْفِلَسْطِينِيُّ الْكِنَانِيُّ عَمَّنْ سَمِعَ وَاثِلَةَ وَسَأَلُوهُ أَنْ يُحَدِّثَهُمْ بِحَدِيثٍ لاَ وَهْمَ فِيهِ وَلاَ نُقْصَانَ فَغَضِبَ وَاثِلَةُ وَقَالَ الْمَصَاحِفُ تُجَدِّدُونَ النَّظَرَ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا وَإِنَّكُمْ تَهِمُونَ وَتَزِيدُونَ وَتَنْقُصُونَ ثُمَّ قَالَ جَاءَ نَاسٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ صَاحِبَنَا هَذَا أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْمُعْتِقِ عُضْوًا مِنْهُ‏.‏

قَالَ الْوَلِيدُ وَأَقُولُ حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ أَنَّهُ حَدَّثَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ وَاثِلَةَ بِنَحْوٍ مِنْهُ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ سَأَلُوهُ عَمَّا سَأَلُوهُ عَنْهُ فِيهَا أَمَرَهُمْ أَنْ يَأْمُرُوا صَاحِبَهُمْ بِاَلَّذِي ذَكَرُوهُ لَهُ فِيهَا أَنْ يُعْتِقَ عَنْ نَفْسِهِ رَقَبَةً لِتَكُونَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الآثَارُ بِغَيْرِ هَذِهِ الأَلْفَاظِ كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ثنا ضَمْرَةُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ سَمِعْتُهُ يَذْكُرُ عَنْ الْغَرِيفِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ قَالَ أَتَيْنَا وَاثِلَةَ فَقُلْنَا لَهُ حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ وَلاَ نُقْصَانٌ فَغَضِبَ وَقَالَ إنَّ أَحَدَكُمْ لَيَقْرَأُ وَمُصْحَفُهُ مُعَلَّقٌ فِي بَيْتِهِ فَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ قُلْنَا إنَّمَا أَرَدْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَحَدٌ قَالَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَاحِبٍ لَنَا قَدْ أَوْجَبَ يَعْنِي النَّارَ بِالْقَتْلِ فَقَالَ أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يَعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ حَدَّثَنِي إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عَبْلَةَ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا بِأَرِيحَا فَمَرَّ بِي وَاثِلَةُ مُتَوَكِّئًا عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ فَأَجْلَسَهُ ثُمَّ جَاءَ إلَيَّ فَقَالَ عَجَبٌ مَا حَدَّثَنِي الشَّيْخُ يَعْنِي وَاثِلَةَ قُلْنَا مَا حَدَّثَك قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَأَتَاهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ صَاحِبًا لَنَا قَدْ أَوْجَبَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً يَعْتِقْ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ فَكَانَ فِي هَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ غَيْرُ مَا فِي الآثَارِ الآُوَلِ لأَنَّ الَّذِي فِيهِمَا أَمْرُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ سَأَلُوهُ أَنْ يَعْتِقُوا عَنْ صَاحِبِهِمْ رَقَبَةً فَفِي ظَاهِرِ ذَلِكَ مُرَادُهُ عَتَاقُهُمْ إيَّاهَا عَنْهُ وَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ‏,‏ وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَظَاهِرُهُمَا أَنَّ عَتَاقَهُمْ إيَّاهَا عَنْهُ بِلاَ أَمْرِهِ يَكُونُ فِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ كَمَا يَكُونُ عَتَاقُهُمْ إيَّاهَا عَنْ نَفْسِهِ فِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ‏.‏

وَوَجَدْنَا كِتَابَ اللهِ تَعَالَى قَدْ دَفَعَ مِثْلَ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ ذَوِي الذُّنُوبِ وَهُوَ قوله تعالى فِي الْجَزَاءِ عَنْ كَفَّارَةِ الصَّيْدِ الْمَقْتُولِ فِي الإِحْرَامِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِيهَا ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِقَوْلِهِ ‏{‏لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ‏}‏ فَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَعَلَ الْكَفَّارَةَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الإِحْرَامِ عَلَى قَاتِلِهِ لِيَذُوقَ وَبَالَ قَتْلِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ عَنْ ذَنْبٍ إنَّمَا يُرَادُ بِهَا ذَوْقُ الْمُذْنِبِ وَبَالَهَا‏,‏ وَفِي ذَلِكَ مَا يَمْنَعُ تَكْفِيرَ غَيْرِهِ عَنْهُ فِي ذَلِكَ بِعَتَاقٍ عَنْهُ أَوْ بِغَيْرِهِ‏.‏

ثُمَّ الْتَمَسْنَا مَا فِي هَذَيْنِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى هَلْ نَقْدِرُ عَلَى تَصْحِيحِ مَعْنَاهُ عَلَى مَعَانِي الآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَوَجَدْنَا جَمِيعَ الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ يَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ أَحَدُهُمَا مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً وَكَانَ رُوَاتُهَا كَذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ صَاحِبِ هَذَا الْحَدِيثَ أَرْبَعَةَ رِجَالٍ وَهُمْ مَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَيَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ وَهَانِئُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالْقِسْمُ الآخَرُ أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً وَكَانَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ رَجُلاَنِ وَهُمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَالِمٍ وَضَمْرَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَكَانَ أَرْبَعَةٌ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ اثْنَيْنِ لاَ سِيَّمَا وَفِي الأَرْبَعَةِ مَالِكٌ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَهُمَا فِي الثَّبَتِ وَفِي الْحِفْظِ عَلَى مَا هُمَا عَلَيْهِ أَوْلَى مِنْ ابْنِ سَالِمٍ وَمِنْ ضَمْرَةَ فَإِنْ وَجَبَ حَمْلُ هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا رَوَاهُ ذُو الأَكْثَرِ فِي الْعَدَدِ وَالضَّبْطِ فِي الرِّوَايَةِ كَانَ مَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الْفَصْلِ الأَوَّلِ وَهُوَ مُرُوهُ فَلْيَعْتِقْ رَقَبَةً أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ اللَّذَانِ رَوَيَا فِي الْفَصْلِ الثَّانِي مِمَّا يُخَالِفُهُ وَهُوَ أَعْتِقُوا عَنْهُ‏,‏ وَإِنْ وَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَسْتَقِيمُ فِي اللُّغَةِ فَإِنَّ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ تُطْلِقُ فِي مَنْ أَعْتَقَهُ وَاحِدٌ مِنْ قَبِيلَةٍ أَنْ يُقَالَ‏:‏ إنَّ تِلْكَ الْقَبِيلَةَ أَعْتَقَتْهُ فَيَقُولُونَ أَعْتَقَتْهُ خُزَاعَةُ لِعَتَاقِ رَجُلٍ مِنْ خُزَاعَةَ إيَّاهُ وَيَقُولُونَ أَعْتَقَتْهُ سُلَيْمٌ لِعَتَاقِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ إيَّاهُ فَكَانَ مُنْطَلِقٌ لِرُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنْ يَقُولُوا حِكَايَةً عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَمَّا كَانَ فِيهِ مُرُوهُ فَلْيُعْتِقْ رَقَبَةً وَأَنْ يَقُولُوا حِكَايَةً عَنْهُ أَعْتِقُوا عَنْهُ رَقَبَةً بِأَمْرِكُمْ إيَّاهُ وَحَثِّكُمْ لَهُ عَلَى عَتَاقِ رَقَبَةٍ عَنْ نَفْسِهِ يُضَافُ عَتَاقُهَا إلَيْكُمْ وَإِلَيْهِ جَمِيعًا فَتَعُودُ بِذَلِكَ مَعَانِي مَا فِي هَذَيْنِ الْفَصْلَيْنِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَهُوَ عَتَاقُ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ الذَّنْبُ عَنْ نَفْسِهِ الرَّقَبَةَ الَّتِي تَكُونُ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ وَفِكَاكًا لَهُ مِنْ النَّارِ‏,‏ وَبِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى التَّوْفِيقُ‏,‏ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أُصَلِّيَ عَلَيْهِ يَعْنِي الْمُعْتِقَ لِعَبِيدِهِ السِّتَّةِ الَّذِينَ هُمْ جَمِيعُ مَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ وَمِنْ غَضَبِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ ذَلِكَ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْكِنْدِيُّ أَبُو عَلِيٍّ قَالاَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أَنْبَأَ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ أَنْبَأَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَجُلاً مِنْ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ عليه السلام فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ لاَ أُصَلِّيَ عَلَيْهِ ثُمَّ دَعَا مَمَالِيكَهُ فَجَزَّأَهُمْ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ زَاذَانَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُد حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّ رَجُلاً أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ فِيهِ قَوْلاً شَدِيدًا فَدَعَاهُمْ فَجَزَّأَهُمْ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْهُ عليه السلام إنْكَارُهُ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ جَمِيعَ عَبِيدِهِ وَغَضَبِهِ مِنْ ذَلِكَ وَهَمُّهُ مِنْ أَجْلِهِ أَنْ لاَ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ‏:‏ وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الْمَرِيضُ مَالِكًا لِمَمَالِيكِهِ حِينَ كَانَ مِنْهُ فِيهِمْ مَا كَانَ مِنْ الْعِتْقِ لَهُمْ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَفْعَالَ الْمَرْضَى فِي أَمْرَاضِهِمْ الَّتِي يُتَوَفَّوْنَ مِنْهَا مُقَصَّرٌ بِهِمْ فِيهَا عَنْ نُفُوذِهَا مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ وَمَرْدُودُهُ إلَى أَثْلاَثِ أَمْوَالِهِمْ غَيْرَ مُتَجَاوِزَةٍ إلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْ حَلَّ بِهِ مَرَضٌ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ يَمُوتُ فِيهِ وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ أَلَّا يَتَبَسَّطَ فِي أَمْوَالِهِ تَبَسُّطَ الأَصِحَّاءِ فِي أَمْوَالِهِمْ لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَضٍ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَضٍ لاَ يَمْنَعُهُ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَنَّ الأَوْلَى بِهِ الاِحْتِيَاطُ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ حَبَسَ بَقِيَّةَ مَالِهِ بَعْدَ ثُلُثِهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ فَإِذَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ وَتَبَسَّطَ فِي جَمِيعِهِ كَمَا يَتَبَسَّطُ الأَصِحَّاءُ فِي مِثْلِهِ كَانَ بِذَلِكَ مَذْمُومًا وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكُهُ لِلصَّلاَةِ عَلَى الْمَذْمُومِينَ فَهَذَا عِنْدَنَا وَجْهُ هَمِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَرْكَهُ الصَّلاَةِ عَلَى ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى قَدْ لَحِقَهُ هَذَا الذَّمُّ وَغَضَبُهُ مِنْ فِعْلِهِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ حَلَّ ذَلِكَ الْمَحَلَّ عِنْدَهُ‏.‏

وَسَأَلَ سَائِلٌ آخَرُ عَنْ الْقُرْعَةِ فِي مِثْلِ هَذَا هَلْ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ الآنَ أَمْ لاَ‏؟‏ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ، بِتَوْفِيقِ اللهِ وَعَوْنِهِ، أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُخْتَلِفُونَ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي ذَلِكَ مِنْهُمْ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالشَّافِعِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ‏:‏ إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَإِنَّ الْوَاجِبَ مَكَانَهَا عَلَى الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ السِّعَايَةُ فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِمْ لِوَرَثَةِ مُعْتِقِهِمْ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ سِوَاهُمْ وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى نَسْخِهَا بِأَنَّهُمْ وَمُخَالِفُوهُمْ جَمِيعًا قَدْ جَعَلُوا الْحَدِيثَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي عَتَاقِ الْمَرِيضِ الَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَلِيلٌ لَهُمْ وَحُجَّةٌ عَلَى مُخَالِفِيهِمْ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ عَتَاقَ الْمَرِيضِ وَهِبَاتِهِ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَعَتَاقِ الصَّحِيحِ وَهِبَاتِهِ‏,‏ وَيَحْتَجُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَالَهُ لَمْ يُمْلَكْ عَلَيْهِ حَتَّى وَقَعَتْ أَفْعَالُهُ تِلْكَ فِيهِ‏,‏ وَإِذَا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُرَدَّ إلَيْهِ أَشْكَالُهُ وَأَنْ يَعْطِفَ عَلَيْهِ أَمْثَالُهُ مِمَّا يَفْعَلُهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لأَنَّهُ أَصْلٌ لَهُ وَأَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ فِي الْمَرَضِ إذَا كَانَ لَهُ سِتُ مِائَةِ دِرْهَمٍ هِيَ جَمِيعُ مَالِهِ فَوَهَبَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كُلَّ مِائَةٍ مِنْهَا لِرَجُلٍ وَأَقْبَضَهُ إيَّاهَا ثُمَّ مَاتَ أَنْ يُقْرِعَ بَيْنَهُمْ فِيهَا كَمَا أَقْرَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ الَّذِينَ ذَكَرْنَا فَيُسَلِّمُ مِنْهَا لِمَنْ قُرِعَ هِبَتَهُ وَيَرْجِعُ مَا بَقِيَ مِنْهَا مِيرَاثًا كَمِثْلِ مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي الْعَبِيدِ الْمُعْتَقِينَ وَفِي تَرْكِهِمْ لِذَلِكَ وَخُرُوجِهِمْ عَنْهُ إلَى الْمُحَاصَّةِ بَيْنَ أَهْلِ الْهِبَاتِ فِيهَا وَتَرْكِهِمْ الْقُرْعَةَ عَلَيْهَا قَدْ كَانَتْ مُسْتَعْمَلَةً فِي غَيْرِ الْعَتَاقِ الَّذِي ذَكَرْنَا‏,‏ ثُمَّ تُرِكَتْ وَاسْتُعْمِلَ مَكَانَهَا خِلاَفُهَا فَمِنْهَا ادِّعَاءُ الأَنْسَابِ إذَا تَكَافَأَتْ مِنْ الْمُدَّعِينَ لَهَا‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعُمَرِيُّ أَوْ يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ الشَّيْخُ أَنَا أَشُكُّ فِي الَّذِي حَدَّثَنِي بِهِ عَنْهُ مِنْهُمَا عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْخَلِيلِ الأَسْلَمِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ أَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَعَلِيٌّ يَوْمَئِذٍ بِهَا فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتَى عَلِيًّا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ يَخْتَصِمُونَ فِي وَلَدٍ وَقَعُوا عَلَى أُمِّهِ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَقُرِعَ أَحَدُهُمْ فَرُفِعَ إلَيْهِ الْوَلَدُ قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ أَوْ قَالَ أَضْرَاسُهُ‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ أَبُو عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيِّ أَنْبَأَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ بِالْيَمَنِ فَأُتِيَ بِامْرَأَةٍ وَطِئَهَا ثَلاَثَةُ نَفَرٍ فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَسَأَلَ اثْنَيْنِ أَنْ يُقِرَّا لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَلَمْ يُقِرَّا‏,‏ ثُمَّ سَأَلَ اثْنَيْنِ أَنْ يُقِرَّا لِهَذَا بِالْوَلَدِ فَلَمْ يُقِرَّا‏,‏ ثُمَّ سَأَلَ اثْنَيْنِ حَتَّى فَرَغَ يَسْأَلُ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ غَيْرَ وَاحِدٍ فَلَمْ يُقِرُّوا فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ وَجَعَلَ عَلَيْهِ ثُلُثَيْ الدِّيَةِ فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَفِي تَرْكِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنْكَارَ ذَلِكَ عَلَى عَلِيٍّ وَرِضَاهُ بِهِ مِنَّةٌ وَأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ فِيهِ عِنْدَهُ يَوْمَئِذٍ كَذَلِكَ‏,‏ ثُمَّ وَجَدْنَا عَلِيًّا بَعْدَ هَذَا أَوْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أُتِيَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ فَحَكَمَ فِيهَا بِخِلاَفِ هَذَا الْحُكْمِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيِّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنْبَأَ سُفْيَانُ عَنْ قَابُوسٍ عَنْ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَتَاهُ رَجُلاَنِ وَقَعَا عَلَى امْرَأَةٍ فِي طُهْرٍ فَقَالَ الْوَلَدُ بَيْنَكُمَا‏,‏ وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْكُمَا فَاسْتَحَالَ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ يَقْضِي بِخِلاَفِ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرُدَّ الْحُكْمَ فِيهِ إلَى خِلاَفِ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِيهِ بِخِلاَفِ ذَلِكَ إِلاَّ وَقَدْ نُسِخَ مَا كَانَ قَضَى بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عليه السلام فِي ذَلِكَ إلَى الَّذِي كَانَ قَضَى بِهِ هُوَ فِي زَمَنِهِ وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَكَانَ فِيهِ سُقُوطُ عَدْلِهِ وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ‏,‏ وَلَكِنَّهُ رَجَعَ عَنْ مَنْسُوخٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى نَاسِخٍ لَهُ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَكَيْفَ تَكُونُ الْقُرْعَةُ مَنْسُوخَةً وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهَا بَيْنَ نِسَائِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ السَّفَرَ بِإِحْدَاهُنَّ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدِ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَسَعِيدٍ وَعُبَيْدِ اللهِ وَعَلْقَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عِيسَى بْنِ تَلِيدٍ حَدَّثَنِي الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالَةَ الْقِتْبَانِيُّ عَنْ أَبِي الطَّاهِرِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ حَدَّثَتْنِي خَالَتِي عَمْرَةُ ابْنَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فَذَكَرَ مِثْلَهُ قَالَ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَعْمِلُ مَا قَدْ نُسِخَ قَبْلَ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ فِي أَقْسَامِهِمْ وَجَرَتْ عَلَيْهِ فِيهِ أُمُورُهُمْ إلَى الآنِ اسْتِعْمَالُ الْقُرْعَةِ فِيهَا‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ الْقُرْعَةِ الْمَنْسُوخَةِ هِيَ الْقُرْعَةُ الْمُسْتَعْمَلَةُ كَانَتْ فِي الأَحْكَامِ بِهَا حَتَّى يَلْزَمَ لُزُومُ مَا يَحْكُمُ فِيهِ بِمَا سِوَاهَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَغَيْرِهَا وَأَمَّا هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَ فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ عَلَى سَبِيلِ الْحُكْمِ بِهِ وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ عَلَى تَطْيِيبِ النَّفْسِ وَنَفْيِ الظُّنُونِ لاَ لِمَا سِوَى ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَرَى أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافِرَ بِغَيْرِ أَحَدٍ مِنْ نِسَائِهِ وَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ دُونَهُنَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ دُونَ بَعْضِهِنَّ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ إقْرَاعَهُ كَانَ بَيْنَهُنَّ لَمَّا كَانَ يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى حُكْمٍ بَيْنَهُنَّ وَلاَ عَلَيْهِنَّ وَلاَ لَهُنَّ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لِتَطْيِيبِ أَنْفُسِهِنَّ وَأَنْ لاَ يَقَعَ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِنَّ مَيْلٌ مِنْهُ إلَى مَنْ يُسَافِرُ بِهَا مِنْهُنَّ دُونَ بَقِيَّتِهِنَّ وَذَلِكَ الأَقْسَامُ لَوْ عُدِّلَتْ الأَجْزَاءُ‏,‏ ثُمَّ أُعْطِيَ كُلُّ ذِي جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا جُزْءًا مِنْ تِلْكَ الأَجْزَاءِ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ عَلَى ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا مُسْتَقِيمًا فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْقُرْعَةَ إنَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ فِي ذَلِكَ لِإِنْفَاءِ الظُّنُونِ بِهَا عَنْ مَنْ يَتَوَلَّى الْقِسْمَةَ بَيْنَ أَهْلِهَا بِمَيْلٍ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ أَوْ بِمَا سِوَى ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا مِنْ السَّفَرِ بِالنِّسَاءِ وَمِنْ الأَقْسَامِ الْمُسْتَعْمَلَةِ الْقُرْعَةُ فِيهَا لَمَّا اُسْتُعْمِلَتْ فِيهَا قَضَاءٌ بِقُرْعَةٍ فَكَذَلِكَ نَقُولُ مَا كَانَ مِنْ أَمْثَالِ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مِمَّا لاَ يَقَعُ فِيهِ بِالْقُرْعَةِ حُكْمٌ إنَّمَا يَقَعُ فِيهِ تَطْيِيبُ الأَنْفُسِ وَإِنْفَاءُ الظُّنُونِ فَلاَ بَأْسَ بِاسْتِعْمَالِ الْقُرْعَةِ فِيهِ وَمَا كَانَ مِنْ سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يَقَعُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالأَحْكَامُ فَلاَ وَجْهَ لاِسْتِعْمَالِهَا فِيهِ لِ مَا قَدْ حَكَيْنَاهُ فِي مِثْلِهَا عَنْ عَلِيٍّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ عليه السلام وَفِي تَرْكِهِ بَعْدَهُ لِذَلِكَ وَاسْتِعْمَالِهِ خِلاَفَهُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا عَلَى مَا قَدْ رُوِيَ فِيهِ مِمَّا قَدْ وَصَفْنَا لاَ يَدْخُلُ فِيهِ الْجِنْسُ الآخَرُ مِنْهُمَا وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُوجِبُهُ فِيهِ مَا وَصَفْنَاهُ فِيهِ فِي هَذَا الْبَابِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلُ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ وَإِنَّ بَيْنَ ذَلِكَ أُمُورًا مُشْتَبِهَاتٍ وَرُبَّمَا قَالَ مُشْتَبِهَةً وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ مَثَلاً إنَّ لِلَّهِ حِمًى وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَا حَرَّمَ وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى فَيُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيّ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ شَهِدْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ عَلَى مِنْبَرِنَا هَذَا يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَإِنَّ بَيْنَ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُشْتَبِهَاتٍ فَمَنْ تَرَكَهَا اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ رَتَعَ فِيهَا يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَمَنْ رَعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى وَإِنَّ الْحَرَامَ حِمَى اللهِ الَّذِي حَرَّمَ عَلَى عِبَادِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ثنا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ عَنْ خَيْثَمَةَ‏,‏ وَالشَّعْبِيُّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَلاَلٌ بَيِّنٌ وَحَرَامٌ بَيِّنٌ وَشُبُهَاتٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَمَنْ تَرَكَ الشُّبُهَاتِ فَهُوَ لِلْحَرَامِ أَتْرَكُ وَمَحَارِمُ اللهِ حِمًى فَمَنْ رَتَعَ حَوْلَ الْحِمَى كَادَ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ إلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَا هُوَ‏؟‏‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّ لِلَّهِ شَرَائِعَ قَدْ شَرَعَهَا وَتَعَبَّدَ عِبَادَهُ بِهَا فَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ مُحْكَمًا كَشَفَ لَهُمْ مَعْنَاهُ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ مُتَشَابِهًا فَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى فِي كِتَابِهِ ‏{‏هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ‏}‏ وَكَانَ الْمُحْكَمُ مِنْهُ الَّذِي كَشَفَ لَهُمْ مَعْنَاهُ قوله تعالى ‏{‏حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ‏}‏ إلَى قَوْلِهِ ‏{‏وَبَنَاتُ الآُخْتِ‏}‏ وَكَانَ الْمُتَشَابِهُ مِنْهُ الَّذِي لَمْ يَكْشِفْ لَهُمْ مُرَادَهُ فِيهِ مِنْهُ قوله تعالى ‏{‏وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا‏}‏ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الصِّيَامِ ‏{‏وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ‏}‏ وَمِنْهُ قَوْلُهُ فِي الآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ‏:‏ ‏{‏وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ وَمِنْهُ قوله تعالى ‏{‏وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الآُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ‏}‏‏.‏

فَكَانَ الْمُحْكَمُ وَالْمُتَشَابِهُ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا فِي كِتَابِهِ هُمَا الْجِنْسَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْنَا وَمِنْهَا مَا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ عليه السلام عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَأَجْرَى بَعْضَهُ عَلَى لِسَانِهِ مُحْكَمًا مَكْشُوفَ الْمَعْنَى كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ‏.‏

وَكَمَا يَقْصُرُهُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا فِي سَفَرِهِ وَكَمَا لاَ يَقْصُرُهُ مِنْهَا فِيهِ وَيَكُونُ فِيهِ فِي سَفَرِهِ كَمِثْلِ مَا كَانَ فِيهِ فِي حَضَرِهِ وَمِنْهَا مَا تَعْتَدُّ بِهِ النِّسَاءُ فِي أَيَّامِ حَيْضِهِنَّ مِنْ تَرْكِ الصَّلاَةِ وَالصِّيَامِ وَمِنْ قَضَاءِ الصِّيَامِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَيَّامِ طُهْرِهَا وَتَرْكِ قَضَاءِ الصَّلاَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ مُحْكَمًا وَمِمَّا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ مُتَشَابِهًا مِنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ أَشْكَالِ ذَلِكَ فَاحْتَاجُوا إلَى طَلَبِ حَقَائِقِهَا وَمَا عَلَيْهِمْ فِيهَا وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مُتَشَابِهًا وَكَانَ الْمَعْنَى الأَوَّلُ مِنْ جِنْسِ مَا أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مُحْكَمًا فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ هُوَ مَا كَانَ مِنْ الْحَلاَلِ الْمُحْكَمِ وَمِنْ الْحَرَامِ الْمُحْكَمِ‏,‏ وَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ هُوَ مَا قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحَلاَلِ الْبَيِّنِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ كَمِثْلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الآُخْتَيْنِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مَا قَدْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ إلَى التَّحْلِيلِ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ إلَى التَّحْرِيمِ‏,‏ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ يَكُونُ الدَّلِيلُ يَقُومُ فِي قُلُوبِ بَعْضِهِمْ بِتَحْلِيلِ ذَلِكَ وَفِي قُلُوبِ بَعْضِهِمْ بِتَحْرِيمِهِ وَعِنْدَ ذَلِكَ مَا يَتَبَايَنُ أَهْلُ الْوَرَعِ مِمَّنْ سِوَاهُمْ فَيَقِفُ أَهْلُ الْوَرَعِ عِنْدَ الشُّبَهِ وَيَتَّهِمُونَ فِيهَا آرَاءَهُمْ وَيُقْدِمُ عَلَيْهَا مَنْ سِوَاهُمْ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ أَفَيَكُونُ هَذَا الَّذِي ذَكَرْتَهُ مَانِعًا لِلْحُكَّامِ مِنْ الْحُكْمِ فِيمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِمْ فِيهِ مَا وَصَفْتَهُ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمُفْتَرَضَ عَلَى الْحُكَّامِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ اجْتِهَادِ رَأْيِهِمْ فِيهِ إمْضَاءُ مَا يُؤَدِّيهِمْ فِيهِ آرَاؤُهُمْ إلَيْهِ كَمَا أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَبَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ بْنِ الْحَجَّاجِ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ‏,‏ وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ‏.‏

قَالَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَزْمٍ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَى الْحُكَّامِ اسْتِعْمَالُ الاِجْتِهَادِ فِيمَا يَحْكُمُونَ بِهِ وَأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَهُ الصَّوَابُ وَقَدْ يَكُونُ مَعَهُ الْخَطَأُ وَأَنَّهُمْ لَمْ يُكَلَّفُوا فِي ذَلِكَ إصَابَةَ الصَّوَابِ وَإِنَّمَا كُلِّفُوا فِيهِ الاِجْتِهَادَ وَأَنَّهُ وَاسِعٌ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إمْضَاءُ الْحُكُومَاتِ عَلَيْهِ‏,‏ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَحْكُومُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ قَبْلَ تِلْكَ الْحُكُومَاتِ لَهُمْ مِنْ الْوَرَعِ عَنْ الدُّخُولِ فِيهَا وَمِنْ الإِقْدَامِ عَلَيْهَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَهَلْ يَتَهَيَّأُ لَكَ كَشْفُ ذَلِكَ لَنَا فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ حَتَّى نَقِفَ عَلَيْهِ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ قَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي رَجُلٍ قَالَ لاِمْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ قَدْ طَلُقَتْ عَلَيْهِ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ لاَ تَحِلُّ لَهُ بَعْدَهُنَّ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ إنَّهَا يَمِينٌ يَكُونُ بِهَا مُولِيًا وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ إنَّهَا ظِهَارٌ يُكَفِّرُهَا مَا يُكَفِّرُ الظِّهَارَ وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ إنَّهَا تَطْلِيقَةٌ تَبِينُ بِهَا مِنْهُ إِلاَّ أَنْ يَعْنِيَ مِنْ الطَّلاَقِ ثَلاَثًا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ‏.‏

وَقَالَ قَائِلُونَ مِنْهُمْ إنَّهَا تَطْلِيقَةٌ يَمْلِكُ فِيهَا رَجَعَتْهَا إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ مِنْ الطَّلاَقِ أَكْثَرَ مِنْهَا فَيَلْزَمَهُ ذَلِكَ فَكَانَ مَنْ يَلِي مِمَّنْ يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِقَوْلٍ مِنْ هَذِهِ الأَقْوَالِ‏,‏ ثُمَّ خُوصِمَ إلَى حَاكِمٍ لاَ يَرَى حُرْمَتَهَا عَلَيْهِ بِهِ وَيَرَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ عَلَى مَا قَدْ قَالَهُ فِي ذَلِكَ مَنْ قَالَهُ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِيهِ فَقَضَى لَهُ بِذَلِكَ وَقَعَ فِي اخْتِلاَفٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ لَهُ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ وَتَرْكُ رَأْيِهِ فِيهِ الَّذِي يُخَالِفُهُ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ بَلْ يَسْتَعْمِلُ فِي ذَلِكَ مَا يَرَاهُ وَيَتْرُكُ ذَلِكَ الْحُكْمَ إذْ كَانَ إنَّمَا هُوَ حُكْمٌ لَهُ لاَ حُكْمٌ عَلَيْهِ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ أَبُو يُوسُفَ‏,‏ وَهُوَ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا بِالْحَقِّ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا سَكَتَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا عَرْعَرَةُ بْنُ الْبِرِنْدِ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ جَصَّاصٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ سَأَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا أَعَارِيبُ يَأْتُونَنَا بِلُحْمَانٍ مُشَرَّحَةٍ وَالْجُبْنِ وَالسَّمْنِ وَالْفِرَاءِ مَا نَدْرِي مَا كُنْهُ إسْلاَمِهِمْ قَالَ اُنْظُرُوا مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ فَأَمْسِكُوا عَنْهُ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَإِنَّهُ عَفَا لَكُمْ عَنْهُ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالأَشْيَاءُ الْمُرَادَةُ فِي هَذَا عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هِيَ الأَشْيَاءُ الَّتِي مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَوْسِعَةً مِنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى عِبَادِهِ فِي الطَّعَامِ الَّذِي يَأْكُلُونَهُ مِنْ الذَّبَائِحِ الَّتِي أَبَاحَهَا اللَّهُ لَهُمْ مِنْ أَيْدِي مَنْ أَحَلَّ لَهُمْ ذَبَائِحَهُمْ وَحَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَبَائِحَ أَضْدَادِهِمْ مِنْ الْمَجُوسِ وَعَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَجَعَلَ لَهُمْ اسْتِعْمَالَ ظَاهِرِهَا‏,‏ وَعَلَى أَنَّهَا مِمَّا أَحَلَّ حَتَّى يَعْلَمُوا مَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا حَرُمَ عَلَيْهِمْ‏,‏ وَلَوْ شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ لَضَيَّقَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يُبِحْهُمْ أَكْلَ شَيْءٍ مِنْ اللُّحْمَانِ حَتَّى يَعْلَمُوا مَنْ ذَابِحُوهَا وَهَلْ هُمْ مِمَّنْ يَحِلُّ ذَبَائِحُهُمْ أَمْ مِمَّنْ سِوَى ذَلِكَ وَكَانَ فِي ذَلِكَ إعْنَاتُ اللهِ تَعَالَى لَهُمْ كَمَا قَالَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاََعْنَتَكُمْ وَلَكِنَّهُ خَفَّفَ ذَلِكَ وَرَفَعَهُ عَنْهُمْ رَحْمَةً مِنْهُ لَهُمْ وَتَفَضُّلاً مِنْهُ عَلَيْهِمْ وَخَالَفَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الشَّرَائِعِ الَّتِي شَرَعَهَا لَهُمْ فِي دِينِهِ وَتَعَبَّدَهُمْ بِهَا فِيهِ وَأَمَرَهُمْ بِطَلَبِ مُشْكِلِهَا مِنْ مُحْكَمِهَا وَمِمَّا يُطْلَبُ مِنْ مِثْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَمِثْلُ هَذَا الْحَدِيثِ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِمَّا‏.‏

قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ أَنْبَأَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ شَرِيكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلاَلَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلاَلٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ‏,‏ ثُمَّ تَلاَ قُلْ لاَ أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا الآيَةَ‏.‏

وَمِمَّا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ عَنْ عَمْرٍو‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَالْمُرَادُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ عِنْدَنَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَهُ فِي هَذَا الْبَابِ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَإِيَّاهُ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ‏.‏